الكتابة ضارة بالصحة ... وقد تودي بحياتك
١٥ نوفمبر ٢٠١١قائمة الكتّاب الملاحقين والمضطهدين في العالم قائمة طويلة للأسف الشديد، وهي تضم في الوقت الحالي مئات من الأسماء من عديد من دول العالم. هذه القائمة يعدها "نادي القلم الدولي PEN الذي يحيي في الخامس عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام يومَ الكتّاب الملاحقين في العالم.
القائمة التي يقوم نادي القلم بتحديثها كل ستة أشهر تضم في الوقت الحالي أرقاماً مفزعة: 23 تهديداً بالقتل، و11 كاتباً اختفوا دون أثر، و107 صدرت بحقهم أحكام قضائية، و24 قتلوا بدم بارد. في النصف الأول من عام 2011 أحصى نادي القلم الدولي 647 حالة تعرض فيها الكتّاب في مختلف أنحاء العالم إلى القمع وتم إخراسهم لكي لا ينطقوا بالحقائق المسكوت عنها.
بعض هؤلاء الكتّاب ذاعت شهرتهم في العالم كله، إما لصدور فتوى بقتلهم مثل البريطاني سلمان رشدي، أو بسبب حصولهم على جائزة نوبل للأدب مثل الصيني ليو تشاوبو والتركي أورهان باموق. غير أن القسم الأعظم من الكتاب الملاحقين أو المقموعين يظل نسياً منسياً. وهنا يحاول نادي القلم الدولي - ومقره في لندن – أن يسلط الضوء على وضع هؤلاء الكتّاب.
كتّاب في السجون
وفي عام 1960 تأسست لجنة "كُتّاب في السجون" التابعة لنادي القلم، وهي لجنة تعنى تحديداً بالكتّاب الذين يتعرضون للتهديد أو الملاحقة أو السجن أو الرقابة، سواء كانوا في إيران أو تركيا أو الصين، أو في أوروبا الشرقية أو في العالم العربي.
في تركيا على سبيل المثال يتعرض الصحفيون للملاحقة المنهجية. ومن الحالات التي لفتت أنظار العالم القبض على الصحفيين نديم سينار وأحمد سيك اللذين اتهمتهما السلطات بدعم الرابطة العسكرية السرية "إرغنيكون"، والمشاركة في محاولة لقلب نظام حكم رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان. أثارت هذه الاتهامات ضجة كبيرة في تركيا والخارج، ورغم ذلك بقي الصحفيان رهن الحبس على ذمة التحقيقات. وكان سيك قد نشر قبل ذلك كتابا بعنوان "جيش الإمام" تناول فيه التأثيرات الإسلامية على قوات الأمن التركية، فكانت العاقبة منع تداول الكتاب في تركيا لأنه – هكذا بررت السلطات الأمنية قرارها – يضم وثائق نشرها أحد التنظيمات الإرهابية.
وتهتم لجنة "كتاب في السجون" في الآونة الأخيرة بالوضع في الدول العربية على نحو خاص. ويقول المتحدث باسم اللجنة الألماني ديرك زاغر إن الوضع في مصر – على سبيل المثال – مثير للقلق، إذ أن المجلس العسكري الحاكم يستغل الوضع الراهن لكي يعزز سلطته. ويضيف زاغر أن "النتيجة هي توقيع عقوبات قاسية على المدونين الذين ينتقدون أداء الحكومة المصرية".
تكريم صاحب دار "ميريت"
ولهذا لم يكن مصادفة أن يحصل محمد هاشم، مدير دار ميريت القاهرية، على جائزة "هيرمان كستن" التي يمنحها فرع نادي القلم في ألمانيا، وذلك تقديراً لجهود الدار في دعم الكتّاب المضطهدين. وتبلغ قيمة الجائزة المادية عشرة آلاف يورو يتسلمها هاشم يوم 15 من نوفمبر (تشرين الثاني).
وليست "ميريت" مجرد دار للنشر، بل هي فضاء وساحة للمثقفين المصريين الذين يقصدون البناية رقم ستة في شارع قصر النيل للإطلاع على أحدث ما تنشره الدار، وكذلك لخوض النقاش في كافة الموضوعات السياسية والأدبية. كما قامت "ميريت" في السنوات الأخيرة بدور سياسي بارز في معارضة نظام مبارك، وذلك من خلال حركة "كفاية" وحركة "كتاب وفنانين من أجل التغيير"، وأخيراً خلال أيام الثورة المصرية التي اندلعت في الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني).
دور "ميريت" في السعي نحو ترسيخ قيم الحرية والديمقراطية والدفاع عن الكتاب الملاحقين أو المسجونين هو الذي دفع الناشر المصري إلى الإضراب عن الطعام أياماً احتجاجاً على حبس المدون والناشط المصري علاء عبد الفتاح المسجون بسبب مقال كتبه انتقد فيه المجلس العسكري الحاكم بعد الاشتباكات التي وقعت أمام مبنى ماسبيرو بين متظاهرين أقباط وقوات من الجيش، والمعروفة بـ"موقعة ماسبيرو".
إن "إحصائية الرعب" – مثلما يطلق ديرك زاغر على قائمة الكتاب الملاحقين في العالم – تزداد طولاً في كل عام، وهو ما قد يدخل اليأس في نفوس العاملين في لجنة "كتاب في السجون". غير أن ما يمنحهم بصيصاً من الأمل هو نجاحهم بين الحين والآخر في لفت أنظار العالم إلى كاتب مسجون والمساهمة في الإفراج عنه. هذا الأمل الضئيل هو ما يحمل أعضاء "نادي القلم" على الاستمرار في جهودهم وفي الاحتفاء بناشطين من نوعية محمد هاشم.
سمير جريس / زيلكه فونش
مراجعة:منى صالح