القاهرة: الشرطة تحميك وتضربك
٢٧ أغسطس ٢٠١٥يسكن الشرطي الذي أطلق النار على أحمد عبد الغني في نفس عمارة الضحية. رصاصتان أطلقهما الشرطي، الذي يسكن في الطابق الأرضي، في أيار/ مايو 2012 فأصابتا عبد الغني في رجليه. وفي كل يوم يمر عبد الغني متكئا على عكازين أمام باب جاره الشرطي. حتى بعد خمس عمليات جراحية ما زال عبد الغني يحتاج إلى العكازين للمشي.
يتذكر النحات عبد الغني يوم الحادثة جيدا. كان عائدا إلى بيته بعد يوم عمل طويل، ليجد الأخ الأصغر للشرطي مع أصدقائه يسدون عليه الطريق إلى منزله، فاندلع شجار بينه وبينهم. وبعد قليل جاء الأخ الأكبر، الشرطي، وتشاجرا "ثم سحب مسدسه وأطلق رصاصتين عليّ"، وبعد ذلك لم يعد عبد الغني يحس بقدميه.
لا يثق عبد الغني بالشرطة، وهو لا يريد التخلي عن حقوقه. "أنا لا أخاف من الشرطة، لأنني لم أرتكب أي خطأ"، ويضيف بأن القضاء لم ينظر في قضيته بعد، رغم مرور ثلاث سنوات على الحادثة.
ازدياد ملحوظ فيعنف الشرطة
قضية عبد الغني ليست فريدة من نوعها في مصر، فمنذ اندلاع "الربيع العربي" في 2011 زاد مستوى عنف الشرطة، وغالبية هذه الأحداث بدون عقاب. "إننا نشهد حاليا أسوأ السنوات من حيث سوء معاملة المواطنين"، يقول ضياء رحمة، الباحث في مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب في القاهرة.
وقد رصد المركز في آخر تقرير له 289 حالة تعذيب و272 حالة قتل غير قانونية و119 حالة اختفاء و63 حالة إصابة بجراح بسبب الاستخدام غير السليم للسلاح. وكل هذه الأحداث وقعت خلال السنة الأولى من حكم عبد الفتاح السيسي.
وتوجه حاليا انتقادات على نطاق واسع للنظام بسبب اعتماده لقوانين صارمة لمكافحة الإرهاب. هذه القوانين تقيد حريات الرأي لوسائل الإعلام والمواطنين وتعطي الحق للأجهزة الأمنية والشرطة بقتل المدنيين للاشتباه بكونهم إرهابيين، وبدون محاكمة.
"لقد تم إضفاء الطابع المؤسستي على التعذيب لدى السلطات"، يقول الباحث من مركز النديم، ويضيف "لا يدور الحديث هنا عن حالات معزولة يرتكبها بعض رجال الشرطة الفظين. في جميع مراكز الشرطة بمصر يُقتل أناس وليس في المدن الكبيرة فقط".
فيديو تعذيب في الإنترنت
في الأسبوع الماضي نشر شخص مقطع فيديو على الفيسبوك يظهر فيه رجل شرطة وهو ينهال بالضرب على رجل في محطة قطار. وكان الرجل قد اشتكى من تعرض صديقته لتحرش جنسي. والشاب الذي نشر الفيديو تحدث أيضا عن تعرضه للتهديد.
وقد أعلنت وزارة الداخلية عن خط ساخن في الأسبوع الماضي كي يستطيع ضحايا عنف الشرطة تقديم شكاوى. لكن الوزارة نفسها متهمة بالوقوف وراء هذه الانتهاكات، لذا يشكك ضياء رحمة في جدية هذه الخط الساخن: "لم يتم حتى الآن الحكم على شرطي واحد حكماً يلائم الجريمة التي ارتكبها، حتى في حالة وجود تصوير فيديو يثبت الحادثة". وحتى الآن لم تجب وزارة الداخلية المصرية على استفسارات DW بهذا الخصوص.
"الشرطة فاسدة"
أحمد عبد الغني يحاول جاهدا تحاشي الشرطي، الذي سبب له جروح في رجليه. ورغم ذلك كان ضحية حادثة عنف أخرى: "كنت جالسا في زاوية الزقاق حين اقترب مني شرطي وصفعني في وجهي ثم سألني إن كنت أبيع المخدرات".
يعيش عبد الغني في منطقة معروفة بتجارة المخدرات، وهي من أحياء القاهرة، التي يحبذ للزائر أن يتجنبها. "من المعروف عموما أن حملات التفتيش التي تقوم بها الشرطة هي لذر الرماد في العيون فقط، فالشرطة الفاسدة متورطة في تجارة المخدرات"، يقول عبد الغني. حاليا يتلقى عبد الغنى علاجا نفسيا، وهو لا يعتقد أن وضعه سوف يتحسن طالما بقيت جرائم الشرطة بدون عقاب.