الاتفاق بشأن فريق فون دير لاين يضمن القيادة ليمين الوسط
٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤بعد ستة أشهر تقريبًا من الانتخابات الأوروبية التي عززت حضور أحزاب اليمين، يبدو أن الفريق الذي سيقود المفوضية الأوروبية إلى حدود عام 2029 في طريقه لتولي منصبه في الأول من ديسمبر/ كانون الأول.
وبعد أسابيع من الصراع أعلنت المجموعات السياسية الوسطية الثلاث الرئيسية في البرلمان الأوروبي عن اتفاق للموافقة على التشكيلة الكاملة المكونة من 27 عضوًا ليلة الأربعاء الماضي، وتعهدت في بيان مشترك "بالعمل معًا بنهج بناء". وفي ظل وجود أسئلة ملحة حول المناخ والهجرة ، يبدو أن مجموعة حزب الشعب الأوروبي من يمين الوسط قد عززت موقفها أكثر من غيرها.
قال مانفريد فيبر رئيس حزب الشعب الأوروبي في تصريحات نقلتها صحيفة فاينانشال تايمز "لقد وعدت الناس، بأوروبا بدون بيروقراطية وسأفي بوعودي، وإذا لم أوفِ بوعودي، فسنستيقظ عام 2029 على أوروبا شعبوية".
وقد أبرم حزب الشعب الأوروبي اليميني الوسطي الذي ينتمي إليه فيبر، وهو أكبر كتلة في الهيئة التشريعية للاتحاد الأوروبي، صفقة مع ثاني أكبر مجموعة، أي الاشتراكيون والديمقراطيون من يسار الوسط، إضافة إلى مجموعة "رينيو"، الأصغر حجما.
بقيادة الرئيسة أورزولا فون دير لاين، وهي سياسية ألمانية من حزب الشعب الأوروبي (حزب سياسي أوروبي يتكون من الأحزاب المسيحية الديمقراطية والأحزاب المحافظة في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي)، التي تم اختيارها لولاية ثانية على رأس السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي في يوليو/ تموز، سيعمل فريق المفوضية الأوروبية المكون من 27 مسؤولا على سن سياسة المناخ والتجارة والهجرة في الاتحاد الأوروبي.
فيتو الإيطالي وريبيرا الإسبانية يجتازان العقبات النهائية
في ظل التقسيم المعقد للسلطات في الاتحاد الأوروبي، يحق لكل دولة عضو ترشيح مرشح في المفوضية، ولكن الأمر متروك لفون دير لاين كرئيسة لتعيين الحقائب الوزارية، وبعدها يوافق البرلمان الأوروبي على المرشح.
ولكن قبل منح الموافقة، أمضى أعضاء البرلمان الأوروبي الأسابيع القليلة الماضية في استجواب المرشحين الستة والعشرين المتبقين. وفي النهاية، كان الاثنان اللذان واجها أكبر مقاومة هما تيريزا ريبيرا، الاشتراكية الإسبانية من مجموعة الاشتراكيين والديمقراطيين في الاتحاد الأوروبي، ورافاييل فيتو، الإيطالي من مجموعة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين اليمينية المتطرفة.
واجهت ريبيرا، وزيرة البيئة الإسبانية المنتهية ولايتها، مقاومة من جانب الجناح الإسباني في حزب الشعب الأوروبي بسبب تعاملها والحكومة مع الفيضانات الكارثية الأخيرة في فالنسيا.
كما اعتُبِر ترشيح فيتو كنائب تنفيذي لرئيسة المفوضية الأوروبية غير مقبول بالنسبة للعديد من اليساريين، وحتى مثيرًا للجدل داخل مجموعة الاشتراكيين والديمقراطيين. وقد أثارت هذه الصفقة استياء العديد من الناس الذين رأوا أن أحد أعضاء حزب رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني "إخوان إيطاليا"، الذي يتسم بجذوره "الفاشية الجديدة"، قد أصبح في مثل هذا المنصب.
اتهام للاشتراكيين بـ "عدم الالتزام بالوعود"
حصل المرشحان على موافقة من زعماء حزب الشعب الأوروبي والاشتراكيين والديمقراطيين في نهاية الأمر، ما جعلهما في موقف جيد قبل التصويت الأكبر في البرلمان الأوروبي المنتظر انعقاده الأسبوع المقبل.
ودافعت مواطنة ريبيرا وزعيمة مجموعة الاشتراكيين والديمقراطيين إيراتكس غارسيا عن الصفقة. وقالت في بيان يوم الأربعاء: "لقد أدى هذا الاتفاق إلى حل مشكلة كانت تهدد استقرار الاتحاد الأوروبي".
لقد تم تهميش حزب الخضر من الاتفاق بشكل كامل، حيث لم يحقق نتائج جيدة في الانتخابات التي جرت في يونيو/ حزيران، بينما حقق حزب الوطنيين من أجل أوروبا اليميني المتطرف والمحافظون الأوروبيون والإصلاحيون اليمينيون مكاسب كبيرة.
ومن غير الواضح ما إذا كان حزب الخضر سوف يوافق على التعيينات عندما يتم طرحها للتصويت. وبالنسبة لدانييل فرويند، وهو نائب من حزب الخضر من ألمانيا فـ "إن الديمقراطيين الاجتماعيين يخالفون وعدًا أساسيًا في حملتهم الانتخابية. إنهم يقفون إلى جانب أقصى اليمين لدعم مرشحي المفوضين من المجر وإيطاليا".
في بودابست، رشح رئيس الوزراء اليميني المتطرف فيكتور أوربان من مجموعة الوطنيين من أجل أوروبا، المفوض الأوروبي الحالي أوليفر فاريلي. وقد نجح فاريلي أيضًا، وهو شخصية مثيرة للجدل.
مفوضية الاتحاد الأوروبي.. هل تصبح يمينية أكثر؟
وفقًا لإريك موريس من مركز السياسة الأوروبية، وهو مركز أبحاث مستقل، فإنه "في حين أن الخضر قد يتهمون الاشتراكيين بتمكين أقصى اليمين، فإن هذه الهيئة الجديدة من المفوضين الأوروبيين، ليست أكثر يمينية من سابقتها، على الأقل ليس من حيث توازن المفوضين".
ومع ذلك، فحسب الباحث موريس، فإنه "ستكون هناك تحولات في السياسة بشأن المناخ والزراعة، وبالتالي كل ما يتعلق بالسياسات الخضراء". وقال المحلل إن الأحزاب اليمينية أصبحت أكثر قوة في العديد من العواصم الأوروبية خلال العام الماضي، لذا "ليس من المستغرب أن ينعكس هذا على تكوين المفوضية".
وقال موريس في تصريحه لـ DW"هناك رد فعل عنيف من جانب الرأي العام، وهو ما ينعكس في النتائج السيئة التي حققها حزب الخضر في بلدان مختلفة. وأيضا من خلال تحول موقف بعض الأحزاب، وخاصة أحزاب يمين الوسط، أو حتى بعض الأحزاب الليبرالية".
الواقع أن حزب الشعب الأوروبي برز بقوة في برلمان أكثر تفتتا سياسيا، وسوف يكون قادرا على التعاون مع القوى السياسية من مختلف التوجهات.
تحديات مستقبلية وعودة ترامب للبيت الأبيض
في عام 2019، خلال الأيام المئة الأولى من ولايتها الأولى، كشفت فون دير لاين عن أهداف رئيسية للسياسة البيئية. وهذه المرة، من المقرر أن تضع تصورا وتقدم أفكارا جديدة للدفاع في بيئة جيوسياسية متزايدة الخطورة. وقال موريس إنها يجب أن تحدد بسرعة ميزانية جديدة طويلة الأجل للاتحاد الأوروبي.
ولكن أيا كان من سينتهي به الأمر إلى السيطرة على المحافظ الرئيسية في الخدمة المدنية، التي يبلغ عدد موظفيها 32 ألف موظف، فإن عودة دونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة من المرجح أن تهيمن على أجندة السياسة في الاتحاد الأوروبي.
وقد يجبر وعده بإنهاء الحرب في أوكرانيا بسرعة الاتحاد الأوروبي على الإجابة على أسئلة صعبة من حيث دعمه لكييف، كما أن تهديده بفرض التعريفات الجمركية على الاتحاد الأوروبي يضع الكتلة أمام تحديات كبيرة.
أعده للعربية: م.ب