الإفلاس قد يكون حافزا لبداية جديدة
٦ يناير ٢٠١٠تبين لموظفي سلسة متاجر هيرتيه الألمانية في مايو/أيار الماضي أنه لم يعد هناك ما يمكن إنقاذه في الشركة، التي كانت أعلنت إفلاسها قبل عام من ذلك التاريخ. و كان مالكو الشركة الذين أطلقوا عليها في عام 2007 اسم "هيرتي"، والذي يربطه الألمان بتاريخ عريق، يعتقدون أنهم قاموا بالخطوات الصحيحة لإنقاذ السلسة من الإفلاس والزوال. وفي سياق متصل صرح كاي هيفنر، رئيس سلسلة متاجر "هيرتي" في ذلك الوقت بأن مالكي الشركة "في طريق استحداث شركة جديدة كليا". جاء هذا التصريح بعد عام ونصف العام من الاستحواذ على سلسة المتاجر الصغيرة، التي كانت في حوزة سلسلة متاجر كارشتات الألمانية. وكانت هذه الأخيرة قررت التركيز على سلسلة متاجرها الكبيرة، وبالتالي بيع سلسلة متاجرها الصغيرة للشركة البريطانية للاستثمارات المالية "داوني داي"، الذي قرر تغيير اسم سلسة المتاجر الصغيرة من "كارشتات كومباكت" إلى "هيرتي".
صراع سلسلة متاجر "هيرتي" مع الأزمة المالية
لكن وبعد مرور عام على تغيير الاسم واجهت "هيرتي" صعوبات، خاصة بعد أن ألقت الأزمة المالية العالمية بضلالها على شركتها الأم "داوني داي". الأمر الذي دفع بالمسئولين عن سلسلة متاجر "هيرتي" إلى إشهار إفلاسها في 31 من يوليو/تموز عام 2008. وتولى المحامي الألماني بينير بير، المختص في قضايا الإفلاس والذي يتخذ من مدينة دوسلدورف الألمانية مقرا له، إدارة أعمال "هيرتي" بعد إشهارها الإفلاس. ويقول المحامي بير إنه "لم يكن متشائما في البداية، على الرغم من صعوبة الأمر وتعقيده". وأوضح أنه بعدما أجرى "محادثات مع البنوك وموظفي ومزودي سلسلة المتاجر"، كان "متفائلا" من إمكانية إنقاذ "هيرتي". ويؤكد بينير بير أنه لم يفقد الأمل حتى النهاية، مبررا ذلك بأن الشركة المالكة البريطانية "داوني داي"، كانت ترفض كل مرة بيع سلسة "هيرتي" لمستثمرين آخرين، إلى أن أدرك في مايو/أيارعام 2009 أنه لا يمكنه إنقاذ سلسلة المتاجر. ولم تكن "هيرتي" الشركة الألمانية الوحيدة، التي اضطرت إلى إعلان الإفلاس، فقد سبقتها في ألمانيا سلسلة متاجر "فيماير" للملابس، التي أشهرت إفلاسها في يوليو/تموز عام 2008 وكذلك سلسلة متاجر "زين ليفرس" للملابس، التي كانت أفلست قبل أيام من إشهار "هيرتي" إفلاسها. الجدير بالذكر أن كلا السلسلتين كانتا أيضا في ملك مجموعة "كارشتات" الألمانية. ولكن هل يعني الإفلاس نهاية الشركة وزوالها إلى الأبد أم هو فرصة لبداية جديدة؟
إشهار الإفلاس - نهاية أم بداية جديدة؟
من جهته، يرى فرانك كيبيكوس، وهو محامي مختص في قضايا إفلاس الشركات والمؤسسات الاقتصادية، أنه عندما تعلن شركة ما إفلاسها فقد يعني ذلك إما "أن ساعة بقائها قد بدأت تدق"، على غرار سلسة متاجر "هيرتي"، أو أن تلك اللحظة تشكل "منعطفا جديدا في تاريخ الشركة للوقوف على قدميها وبدء حقبة جديدة" على غرار شركة يوزيف كينينغ لأشغال الطلاء. فقد تمكنت الشركة، التي تتخذ من مدينة دوسلدورف مقرا لها وبقيت في يد عائلة كينينغ على مدى ثلاثة أجيال، من تجاوز فترة صعبة. وعلى الرغم من أن ميشائيل كينينغ، الذي كان تولى منصب مدير الشركة بعد أبيه وجده، هو مالك الشركة، إلا أنه لا يملك في الوقت الراهن حرية القرار. فبعد أن أشهرت الشركة عام 2002 إفلاسها بعد صعوبات مالية جمة وتراجع الطلبيات عنها، تولى المحامي بينير بير، الذي تولى فيما بعد إدارة أعمال سلسلة متاجر "هيرتي" بعد إشهارها الإفلاس، إدارة أعمال الشركة.
ويتذكر ميشائيل كينينغ اليوم الذي اضطر فيه إلى إشهار إفلاس شركته بمرارة وحسرة شديدين، بحيث يقول بأن تلك الخطوة كانت "تعني نهاية لشركة عائلية تم تأسيسها قبل أجيال". ولكن بينير بير لفت إلى أن "الوضع في البداية لم يكن سيئا إلى درجة فقدان الأمل في إنقاذ الشركة". بيد أن عملية إنقاذها تطلبت إجراءات "قاسية" على موظفي الشركة، حيث تم شطب أكثر من ثلاثين وظيفة ولم يتبق سوى عشرون عاملا، يعملون على حسب الطلبيات. ويبدو أن هذه الإجراءات قد أتت أكلها، فقد تحسنت أوضاع الشركة الاقتصادية وأصبح وضعها المالي مستقرا إلى درجة أنه أصبح بالإمكان إعادة هيكلتها. وفي حال تمكن القائمون عليها من النجاح في هذه العملية، فمن المنتظر أن تبقى الشركة في ملك عائلة كينينغ، كما من غير المستبعد أن تعود مقاليد إدارتها من جديد إلى ميشائيل كينينغ، الذي أصبح يرى في الإفلاس أيضا "بداية جديدة" وليس بالضرورلرة "نهاية".
الكاتب: فرانك فورنير / شمس العياري
مراجعة: حسن زنيند