"اتفاقية الشراكة السورية الأوروبية لم تدخل حيز التنفيذ لأسباب سياسية"
٩ فبراير ٢٠٠٧بدعوة من وزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية هايديماري فيتشوريك- تسويل يقوم نائب رئيس مجلس الوزراء السوري عبدالله الدردري بزيارة إلى ألمانيا تهدف بشكل أساسي لبحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين ألمانيا وسوريا. وفي هذا الإطار يجري المسؤول السوري والوفد المرافق له عدة لقاءات مع عدد من المسؤولين ورجال الأعمال الألمان للتعريف بفرص التجارة والاستثمار في سوريا على ضوء الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها في إطار الخطة الخمسية العاشرة للتنمية. غير أن زيارة الدردري لا تقتصر على الشأن الاقتصادي، فهي ستتناول أيضاً العلاقات السياسية من خلال لقاء يجمعه بوزير الخارجية الألماني فرانك فالتر- شتاينماير، موقعنا التقى مع الدردري وحاوره في أبرز القضايا التي تشملها زيارته، فيما يلي نص الحوار:
دويتشه فيله: ما هي أهم خطوات الإصلاح التي تمت خلال العامين الماضيين في سوريا؟
عبدالله الدردري: أهم شيء قمنا به هو البدء بتنفيذ الخطة الخمسية العاشرة (2006-2010) كإطار عام لإصلاحات اقتصادية واجتماعية شاملة تهدف إلى إقامة اقتصاد السوق الاجتماعي. وعلى ضوء ذلك تم تخفيض الضرائب على أرباح الشركات بحيث أصبحت تتراوح بين 14 و 28 بالمئة حسب الشريحة الضريبية. كما أعطينا البنك المركزي السوري الاستقلالية المطلوبة في مجال السياسة النقدية وقمنا بترشيد الإنفاق الحكومي، إضافة إلى توحيد سعر صرف الليرة وتحرير التجارة الخارجية وتقليل الارتباط بالدولار الأمريكي من خلال إعادة هيكلة الاحتياطات النقدية بالعملات الصعبة. وقد بدأت ثمار ذلك بالظهور إذ تراجع عجز الميزانية العامة إلى 5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. كما نمت الصادرات وازدادت الاستثمارات في عدة قطاعات بشكل ملموس.
هل هناك حوافز متميزة تقدمها سوريا للمستثمر الأجنبي مقارنة بالدول المجاورة لها؟
أبرز الميزات التي تقدمها سوريا للمستثمر تتمثل في أنه يحق له الآن امتلاك شركته في سوريا بأصولها ومبانيها مثله مثل المواطن السوري. كما يحق له تحويل جميع أرباحه بالقطع الأجنبي إلى الخارج. أما مدخلات الإنتاج المستوردة لمشروعه فقد تم إعفائها من جميع الرسوم الجمركية. هذه الشروط إضافة إلى الاستقرار السياسي ودعم الكثير من المستثمرين العرب للسياسة السورية ساعدت على تضاعف الاستثمارات إذ وصلت قيمتها إلى أكثر من 8.5 مليارات دولار في عام 2006 مقابل 1.5 مليار دولار فقط في عام 2003.
هل أصبح النظام القضائي السوري في وضع يسمح له بحل النزاعات بين الجهات السورية والأجنبية بشكل مرضي ؟
أولاً سوريا عضو في العديد من الهيئات الإقليمية والدولية التي تحمي الاستثمارات الأجنبية مثل اتفاقية واشنطن لتسوية المنازعات الاستثمارية والهيئتين العربية والإسلامية لضمان الاستثمار. أما فيما يتعلق بنظامنا القضائي فهو نظام عادل بلا شك، غير أن المشكلة كانت في بطء أدائه لأسباب عديدة منها حجمه الذي لا يتناسب وطبيعة المهام الملقاة على عاتقه. منذ فترة زارني رئيس شركة شل العالمية وقال لي إن سجل سوريا في التقاضي مع الشركة وسداد التزاماتها تجاهها هو الأفضل في العالم. أنا لا أريد رسم صورة وردية من خلال ذلك لأن هناك مشاكل ونحن بصدد إيجاد الحلول لها من خلال برامج يدعمها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وعدة جهات أخرى بينها الحكومتين السويسرية والهولندية.
ما هي نتائج زيارتكم لألمانيا حتى الآن؟
اجتمعنا مع سكرتير الدولة للاقتصاد والتكنولوجيا وكان الاجتماع مثمراً إذ اتفقنا على أن تقدم ألمانيا معونة في مجال الطاقة المتجددة وعلى قيامها بالترويج للاستثمار الألماني في سوريا. الأمر الثاني هو اجتماعنا مع وزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية هايديماري فيتشوريك- تسويل التي أعلنت عن مساهمة ألمانية في تمويل بنك خاص بتمويل المشاريع الصغيرة إضافة إلى توسيع دعمها الفني لخطتنا الإصلاحية في مجال الموارد المائية والطاقات المتجددة وتحديث القطاع الزراعي.
هناك فرص استثمار جيدة للمستثمرين الألمان في سوريا، غير أن المشكلة في صورتها السلبية في الخارج، هل لديكم مبادرات لتغيير هذه الصورة؟
نحن الآن بصدد إعداد برنامج يحمل اسم "دعم الإعلام الاقتصادي" بمساعدة مؤسسة جي تي زد GTZ الألمانية. أما الهدف من البرنامج فهو تقديم صورة حقيقة عن الاقتصاد السوري وفرص الاستثمار في سوريا. وهنا لا بد من الاعتراف أن صورة سوريا في الخارج لا تتعلق بجهودنا فقط لأن هناك قوى كبرى معادية لسوريا تسيطر على الإعلام العالمي وتحاول من خلاله الإساءة لها.
هل هناك رسالة سياسية ستنقلها إلى الحكومة الألمانية من خلال لقائك مع وزير الخارجية فرانك فالتر- شتاينمير؟
سوف أبحث مع وزير الخارجية قضايا ساخنة تهم سوريا والعالم. أما بخصوص رسالتنا فهي واضحة ومفادها أنه لا يمكن لأي طرف إقليمي أو دولي أن يكون له دور فعال في منطقة الشرق الأوسط دون المرور عبر دمشق. وفي هذا الإطار نحن مهتمون بالتعاون مع الجميع من أجل إرساء إقامة سلام عادل وشامل في المنطقة.
لماذا لم يتم تنفيذ اتفاقية الشراكة الأوروبية السورية حتى الآن؟
بعد ثمان سنوات من المفاوضات المضنية تم التوقيع بالأحرف الأولى على هذه الاتفاقية في تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2004. غير أن الجانب الأوروبي لم يصادق عليها حتى الآن لأسباب سياسية. نحن من جهتنا مضينا قدماً في عملية الإصلاح دون انتظار التصديق والتنفيذ من خلال الاعتماد على شركاء آخرين وهو الأمر الذي أوصلنا إلى واقع اقتصادي مختلف عما كان عليه الحال عندما تم التوقيع على الاتفاقية. هذا الأمر سيكتشفه الأوروبيون عندما يعاد النظر في الموضوع مجدداً.