إشادة وانتقاد لموقف ميركل من الإسلام والمسلمين
١٨ يناير ٢٠١٥أثارت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بتصريحها أن الإسلام يشكل جزءا من ألمانيا، جدلا حادا حتى داخل حزبها، إذ طالبها برلمانيون من الاتحاد الديمقراطي المسيحي ( (CDUالذي تتزعمه بتعريف ماهية الإسلام الذي تقصده بتصريحها هذه، حيث لم تفصح المستشارة الألمانية سابقا عن موقفها من الإسلام والمسلمين بمثل هذا الوضوح، كما فعلت عقب اعتداءات باريس التي نفذها إسلاميون متطرفون، والتي أودت بحياة 17 شخصا. ميركل تعهدت بحماية المسلمين، وقالت إن الإسلام جزء من ألمانيا. كما طالبت علماء المسلمين والفقهاء بضرورة العمل على توضيح الصورة الحقيقية للإسلام وأن لا علاقة له بالإرهاب والعنف. وفي كلمتها أمام البوندستاغ يوم الخميس الماضي، في جلسة حول سبل محاربة الإرهاب، اعتبرت في الوقت ذاته تفهمها لموقف بعض الألمان الذين يتساءلون، لماذا تصدر أعمال العنف هذه من أناس يستندون على مرجعية إسلامية. ومن خلال متابعة تعليقات الصحف لهذا الملف، هناك من يعتبر أن ميركل تجازف سياسيا على ما يبدو. وهو أمر جديد في موقف التيار المحافظ، مما يشرح الانتقادات التي وجهتها لها الصحف المحافظة، في حين أشادت الصحف اليسارية بموقف المستشارة. ونقرأ في مجلة "سيسيرو/"Cicero:
"في الأسابيع الأخيرة سقط الآلاف من الناس ضحية أعمال المقاتلين الإسلاميين. وكيف تعاملت النخبة السياسية والإعلامية في ألمانيا مع ذلك؟ جاءت محذرة من القيام بانتقاد الإسلام. الديانة التي ينتمي إليها أيضا منفذو اعتداءات باريس، يجب عدم الإساءة إليها. ويجب التذكير بوضوح: أن عددا من رسامي وكتاب صحيفة "شارلي إيبدو" قضوا نحبهم لأنهم انتقدوا الإسلام بقوة وحدة. في نفس الوقت، يستخلص سياسيون وصحفيون أن أفضل طريقة للتضامن مع الضحايا هو النأي بالنفس عن أعمالهم. فانتقاد الإسلام قد يؤدي إلى الموت، ولهذا يجب الكف عن ذلك".
الكاتب المصري-الألماني أحمد عبد الصمد وجه من جهته انتقادات حادة لميركل على صفحته بفيسبوك وخاطبها قائلا:
"أنت مستشارة كل من يعيش في ألمانيا، وبالتالي مستشارة المواطنين المسلمين أيضا. لكن ذلك لا يسمح للقول، إن الإسلام جزء من ألمانيا. ليس مهمة السياسي إعادة الحياة لديانة أو تقييمها. فالسياسيون موجودون للعمل من أجل الناس وليس من أجل إيديولوجياتهم. وقبل أن تطلقوا فرضيات كهذه، عليكم أن توضحوا لمواطني هذا البلد، ما هو الإسلام! وكيف يفهم الجهاد؟ وكيف موقفه من تعدد الزوجات؟ وماذا عن عقوبة قتل المرتد؟ وكيف يتعامل مع السرقة والخيانة الزوجية وشرب الخمر؟ وماذا عن حقوق النساء التي هي تقريبا منعدمة في الإسلام؟".
وهناك تعاليق صحفية أخرى أشادت بموقف المستشارة، وعلى رأسها صحفية "بيلد" الواسعة الانتشار. كما نقرأ في الموقع الإلكتروني للنشرة الإخبارية "تاغيستيمن" للقناة التلفزية الأولى:
كانت ميركل تدرك بالطبع أن كلامها سيحدث زوبعة عندما صرحت: "الإسلام هو جزء من ألمانيا". وهذا في وقت يواجه فيه المواطنون الألمان وغيرهم صدمة بسبب الاعتداءات التي نفذت ( في باريس) باسم الإسلام. ولذلك فالمستشارة لم تكرر عبارتها في البيان الحكومي فحسب، بل طرحت فهما للإسلام، كإشارة للتسامح وكدليل على أن أوروبا أصبحت تدرك كيفية التعامل مع التنوع القائم بها. والغريب في الأمر أن يقوم منتقدوها - خاصة من الاتحاد الاجتماعي المسيحي (CSU) المتحالف مع حزبها- بمحاولات سريعة لضرب الحقيقة بعرض الحائط. وتتجلى الحقيقة في وجود أربعة ملايين مسلم في ألمانيا. إنهم ليسوا فقط جزءا من المجتمع الألماني ، بل يمارسون أيضا عقيد تهم التي هي الإسلام".
صحيفة "تاتس" اليسارية سبق لها وأن فاجأت قراءها مطلع هذا العام عندما قامت بمدح المستشارة الألمانية ميركل بسبب ما صرحت به في خطابها بمناسبة رأس السنة عن حركة "بيغيدا" المعادية للإسلام ، حيث شجبت آنذاك بموقف الحركة. وكتبت الصحيفة الصادرة في برلين قائلة:
"في تسعينيات القرن الماضي ظل الإتحاد الكبير (CDU/CSU) صامتا أمام موجة عداء الأجانب التي اجتاحت ألمانيا. وكان المستشار هيلموت كول قد تجنب آنذاك زيارة مواقع الاعتداءات التي حدثت في حق لاجئين، مثلا في روستوك ومولن وزولينغن. الإتحاد الحزبي المسيحي ركب آنذاك تلك الموجة عوض أن يعمل على كبحها...وجاء خطاب ميركل في ليلة رأس هذه السنة ليكون أول خطاب يجد ترحيبا به في نهاية عام 2015". ولذلك كان عنوان المقال الذي كتبته جريدة "تاتس": " السيدة ميركل، لقد أحسنت!"