إسرائيل وحزب الله.. تصعيد جديد أم أن "الاشتباك تم وانتهى"؟
٢٥ أغسطس ٢٠٢٤أعلن الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله مساء اليوم الأحد (25 أغسطس/ آب 2024) أن "الهدف الأساسي" للهجوم الذي شنه الحزب فجراً على إسرائيل رداً على مقتل فؤاد شكر أحد أبرز قيادييه العسكريين كان "قاعدة جليلوت للاستخبارات العسكرية" قرب تل أبيب.
وكانت إسرائيل قد أعلنت أنها اعترضت كل الصواريخ والمسيرات التي أطلقت نحو "هدف استراتيجي" في وسط إسرائيل، وقالت إنها نفذت ضربات استباقية "أحبطت جزءا كبيراً" من هجوم حزب الله، الذي أعلن بدوره قصف 11 ثكنة وموقعا إسرائيلياً.
وتعتبر دول عديدة حزب الله، أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية من بينها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول أخرى. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كمنظمة إرهابية.
وقال نصر الله في كلمة ألقاها عبر شاشة وبثتها قناة المنار التابعة للحزب إن قاعدة جليلوت كانت "هدفاً أساسياً للعملية في العمق"، مشيراً إلى أنها "تبعد 110 كلم تقريباً عن حدود لبنان" و"تدير الكثير من عمليات الاغتيال التي تجري في المنطقة".
بيانات متلاحقة
وقال الأمين العام لحزب الله إن "الهدف المساند" للهجوم كان قاعدة الدفاع الصاروخي في عين شيمرا، الواقعة على بعد سبعين كيلومترا من الحدود، مشيراً الى أن عددا من المسيرات طالت هذين الهدفين، "لكن العدو يتكتم".
وفي بيانات متلاحقة صباح الأحد، أعلن حزب الله شنّ "هجوم كبير" بأكثر من 300 صاروخ كاتيوشا وعدد كبير من المسيرات على 11 موقعاً وثكنة إسرائيلية في شمال إسرائيل وهضبة الجولان المحتلة، في إطار ردّه على مقتل قائد عملياته في جنوب لبنان فؤاد شكر بغارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية في 30 تموز/ يوليو الماضي.
وأعلن الجيش الإسرائيلي من جهته شنّ ضربات في جنوب لبنان لمنع "هجوم كبير" من الحزب المدعوم من طهران على الأراضي الإسرائيلية. وأودت الضربات الإسرائيلية التي طالت العديد من البلدات والقرى في جنوب لبنان بثلاثة مقاتلين، نعى حزب الله اثنين منهم بينما نعت حليفته أمل المقاتل الثالث.
"340 صاروخاً وعشرات المسيّرات"
وقال نصر الله إن الغارات الإسرائيلية "حصلت قبل نصف ساعة من بدء العملية"، مؤكداً في الوقت ذاته أن "جميع منصات الصواريخ عملت من دون استثناء ولم تصب أي منصة قبل بدء الهجوم"، وأن "كل مرابض المسيرات أطلقت مسيراتها رغم الغارات ولم يتعرض أي مربض لأي أذى قبل العمل ولا بعده".
ووصف تصريحات مسؤولين إسرائيليين عن أن ضرباتهم الاستباقية عطلت إطلاق آلاف الصواريخ والمسيرات وأحبطتها بـ "ادعاءات كاذبة"، مشدداً على أن "أيا من الصواريخ الاستراتيجية والبالستية والدقيقة لم يصب بأذى".
وبحسب نصرالله، أطلق حزبه في الهجوم 340 صاروخ كاتيوشا وعشرات المسيّرات "بأحجام متنوعة ومختلفة"، قال إن بعضها انطلق من منطقة البقاع، معقله في شرق لبنان، وعبر الحدود باتجاه إسرائيل.
إحباط جزء كبير من الهجوم
بدورها أعلنت إسرائيل أنها أحبطت "جزءا كبيرا من الهجوم" الذي شنّه حزب الله على أراضيها ردّا على اغتيال فؤاد شكر. ونفت إسرائيل إصابة قاعدة جليلوت الواقعة في ضواحي تل أبيب، مشيرة الى أنها دمّرت "آلاف منصات الصواريخ" التابعة للحزب في جنوب لبنان.
ونفّذت إسرائيل على مدى ساعات طويلة الأحد غارات وقصفاً مدفعياً استهدف مناطق عدة في لبنان تسببت بمقتل ثلاثة مقاتلين، اثنان من حزب الله والثالث من حركة أمل، حليفة الحزب، وفق ما أعلن الحزبان.
وقال الجيش الإسرائيلي إن "نحو 100 طائرة حربية" استهدفت و"دمّرت آلاف المنصات التابعة لحزب الله" في جنوب لبنان، مضيفا أنها "كانت موجهة نحو شمال إسرائيل وبعضها نحو وسط البلاد".
وأكد المتحدث باسم الجيش نداف شوشاني لصحافيين أن حزب الله "أطلق مئات الصواريخ والطائرات المسيرة تجاه شمال إسرائيل"، معظمها بعد بدء إسرائيل هجومها، وفق قوله. وتابع أن هذا "كان جزءا من هجوم أكبر تمّ التخطيط له وتمكننا من إحباط جزء كبير" منه.
تصعيد جديد أم أن "الاشتباك قد تم وانتهى"؟
من جانبه حذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مستهل جلسة مجلس الوزراء من أن إسرائيل لم تقل "كلمتها الأخيرة" بضرباتها الأحد على جنوب لبنان. وقال نتنياهو في وقت سابق "نحن مصممون على القيام بكل شيء لحماية بلادنا وإعادة سكان الشمال بأمان إلى منازلهم، ومواصلة اتباع قاعدة بسيطة: من يؤذنا، نؤذه".
بيد أنّ وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس قال إن بلاده لا تسعى إلى حرب شاملة.
في غضون ذلك قال دبلوماسيان لرويترز إن الجانبين تبادلا رسائل مفادها أن أيا منهما لا يريد مزيدا من التصعيد، وركزت الرسائل على أن الاشتباك قد تم وانتهى.
وقال مسؤول في حزب الله اليوم إن الهجوم على إسرائيل تأخر لاعتبارات سياسية، على رأسها المحادثات الجارية بشأن وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن منل قطاع غزة.
وأضاف المسؤول، في تعليقات مكتوبة نشرتها وسائل إعلام، أن حزبه عمل للتأكد من أن ردها على مقتل شكر في 30 يوليو/ تموز لن يشعل حربا واسعة النطاق.
ويتبادل حزب الله وإسرائيل القصف بشكل يومي منذ بدء الحرب بين الأخيرة وحركة حماس في قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. لكنّ منسوب التوتر ارتفع في الأسابيع الأخيرة بعد مقتل شكر الذي تلاه بعد ساعات اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنيّة في طهران في ضربة نُسبت الى إسرائيل. وتوعّدت طهران وحزب الله بالردّ على مقتلهما.
يشار إلى أن حركة حماس جماعة إسلاموية فلسطينية مسلحة، تصنف في ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.
ومنذ بدء التصعيد بين حزب الله وإسرائيل، قتل 605 أشخاص في لبنان، بينهم 393 مقاتلاً من حزب الله و131 مدنياً. وفي الجانب الإسرائيلي، أحصت السلطات مقتل 23 جندياً و26 مدنياً، بينهم 12 في الجولان السوري المحتل.
من جانب آخر أكدت الولايات المتحدة على الفور أنها "ستواصل دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، فيما دعا مكتب المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان وقوة الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) في بيان مشترك "الجميع إلى وقف إطلاق النار والامتناع عن المزيد من التصعيد".
كما شدّد رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي بعد اجتماع حكومي طارئ، على ضرورة "وقف العدوان الإسرائيلي أولا".
ع.غ/ أ.ح/ ز.أ.ب (أ ف ب، رويترز، د ب أ)