أوكرانيا وسوريا: هل تستطيع روسيا القتال على جبهتين؟
٧ ديسمبر ٢٠٢٤لفترة طويلة، قدمت روسيا حلب كرمز لقوتها. وكانت الحملة العسكرية الروسية هي التي ساعدت الرئيس السوري بشار الأسد في الاستيلاء على المدينة في نهاية عام 2016 بعد أربع سنوات من القتال. والآن سقطت حلب في أيدي المتمردين في أقل من أربعة أيام، وهو ما يشكل نكسة للكرملين.
وقال رسلان سليمانوف، الباحث المستشرق الروسي في جامعة ADA في باكو بأذربيجان، إن "روسيا لم تعد قادرة على دعم نظام الأسد كما فعلت قبل عشر سنوات. وهي تنفذ اليوم ضربات جوية ضد المتمردين مرة أخرى، لكن هذا ليس كافيا لوقفهم".
الفرق الرئيسي بين الأمس واليوم يتجلى في تورط روسيا بهجومها على أوكرانيا. وقال سليمانوف: "بالطبع، بدأ الوجود الروسي في سوريا يتقلص بعد ذلك".
الدعم الروسي للنظام يتركز على الضربات الجوية
عندما قرر فلاديمير بوتين في عام 2015 مدّ يد العون لبشار الأسد عسكرياً في الحرب الأهلية، تركز الدعم بالدرجة الأولى على سلاح الجو. ولا تقدم روسيا أي معلومات رسمية على الإطلاق فيما يتعلق عدد قواتها في سوريا، لكن ووفقاً للتقديرات، يتراوح عد الجنود الروس بين 2000 و4000 عسكري، وهو عدد ليس بالكبير. وكان في السابق عدد مماثل من المرتزقة، مثل مرتزقة مجموعة فاغنر، ممن شاركوا في القتال البري إلى جانب قوات النظام. ولكن بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا جرى نقلهم إلى جبهات هناك.
هل تستطيع روسيا سد النقص العددي في قوات حليفها بشار الأسد؟
يقول بافيل لوزين، خبير القوات المسلحة الروسية، لـ DW: "سيكون من الصعب للغاية على روسيا زيادة المساعدات للأسد دون إضعاف قواتها في أوكرانيا".
وبعد الهجوم على أوكرانيا الذي بدأ عام 2022، أنكرت روسيا رغبتها في سحب قواتها من سوريا. ومع ذلك، أفادت التقارير أنها نقلت بعض الطائرات المقاتلة إلى روسيا. كما أنها شحنت نظام الصواريخ الروسي المضاد للطائرات S-300 إلى ميناء روسي بالقرب من شبه جزيرة القرم.
إلى جانب ذلك، تمّ تجميع الجنود الروس في سوريا لنقلهم من مواقع أصغر إلى قواعد أكبر. كما أدى نقل المرتزقة ذوي الخبرة في القتال إلى أوكرانيا إلى إضعاف موقف روسيا. واليوم هناك مرتزقة روس آخرون في سوريا، "لكنهم غير متخصصين في المهام القتالية، بل على سبيل المثال في مراقبة بعض منشآت إنتاج النفط"، كما يقول رسلان سليمانوف.
موسكو لا تريد التخلي عن سوريا
وعلى الرغم من أن الحرب في أوكرانيا هي أولوية موسكو، إلا أن روسيا لن تتخلى عن سوريا. وقال سليمانوف: "من المؤكد أن الكرملين لن يتخلى عن الأسد".
ترى موسكو أن أهم محورين في مصالحها في سوريا هي القاعدة البحرية في طرطوس التي تؤمن وصول روسيا إلى البحر الأبيض المتوسط، وقاعدة حميميم الجوية التي تسمح لها بالعمل في جميع أنحاء المنطقة.
لكن سوريا مهمة أيضاً بالنسبة للروسيا للحفاظ على صورتها كقوة عظمى. وبعد التدخلات الغربية الفاشلة في العراق وليبيا، أرادت روسيا تقديم نفسها كعامل استقرار في المنطقة. ولقد نجحت موسكو في ترسيخ مكانتها كلاعب في الشرق الأوسط.
تواصل سياسي بموازاة دعم عسكري
وتشير ردود فعل روسيا الأولية على هجوم المتمردين إلى أنها لا تنوي إرسال موارد عسكرية إضافية لسوريا. ومع ذلك، تشنّ غارات جوية بشكل متزايد. وبحسب قناة "رايبار" الروسية (Rybar) على تلغرام، فإن الجنرال ألكسندر تشايكو، الذي قاد القوات الروسية في البلاد سابقا، عاد إلى سوريا.
وفي الوقت نفسه، تسعى روسيا إلى التواصل مع القوى الأخرى المشاركة في الصراع، وخاصة تركيا، حليفة المعارض المسلحة التي سيطرت مؤخرا وفي ظرف وجيز على محافظات حلب وإدلب ودخلوا رابع أكبر مدينة في البلاد، حماة. وتحدث فلاديمير بوتين هاتفياً مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ومن المقرر أن يجتمع ممثلون عن روسيا وإيران وتركيا في الدوحة بعد أيام.
ويقول المستشرق رسلان سليمانوف: "هناك مفاوضات صعبة للغاية ومرهقة للغاية أمام الكرملين، الذي ينفق بالفعل الكثير من الأعصاب والطاقة والموارد على أوكرانيا. والآن سيتعين على الكرملين استخدام هذه الموارد في سوريا أيضاً".
أعده للعربية: خالد سلامة