أطباء ألمان من أصول عراقية يخاطرون لمساعدة أهل سنجار
١٧ أبريل ٢٠١٦يشرف الدكتور درويش شرو درويش ذو الأصول الكردية العراقية على عيادة طبية للأمراض الباطنية في برلين. عاد مؤخراً من جولة قادته إلى جبل سنجار شمال العراق مع فريق طبي من جمعية الأطباء الأكراد في ألمانيا، بهدف تقديم المساعدة لسكان الجبل الذين لا يزالون يعانون من تبعات جرائم تنظيم "الدولة الإسلامية". في هذا الصدد يقول الدكتور درويش في لقاء مع DW عربية "رغم تحرير جبل سنجار من تنظيم داعش إلا أن المعاناة لا تزال حاضرة في نفوس الناجين. فبسبب اضطهاد داعش، نزح آلاف اليزيدين ولقي الكثيرون حتفهم، فيما لايزال داعش يحتفظ بالنساء والأطفال كعبيد لديه".
وبسبب غياب الرعاية الطبية الكافية بعد فرار الأطباء الذين كانوا هناك، دأب درويش وزملاؤه في الجمعية على تنظيم زيارات ميدانية إلى المناطق الكردية المتضررة في كردستان العراق: "نحن مجموعة من الأطباء والصيادلة من أصول عراقية كردية ولدنا وترعرعنا في تلك المناطق ثم جئنا إلى ألمانيا من أجل الدراسة والعمل. نتابع طبعاً ما يجري في تلك المناطق ونشارك الناس معاناتهم، لهذا السبب نزورهم من حين لآخر لتقديم يد المساعدة"، يضيف د. دوريش.
وضع صحي حرج بعد عام على تحرير سنجار
وقبل عامين قال الدكتور جعفر حسين، ممثل منظمة الصحة العالمية في العراق "إن الحالة الصحية في جبل سنجار محفوفة بالمخاطر بالنسبة لعشرات آلاف المحاصرين هناك، بينما عبر أكثر من 60 ألف شخص نقطة حدود فيشخابور إلى سوريا للعودة مرة أخرى إلى العراق عبر دهوك" نقلاً عن الموقع الرسمي لمنظمة الصحة العالمية. هذا الوضع لم يتحسن كثيراً كما يوضح الدكتور درويش، فالمنطقة "لا تزال تعاني نقصاً كبيراً في المواد الغذائية ومن الاكتظاظ في المخيمات، وتفشي الأمراض خصوصاً في صفوف الأطفال وكبار السن".
"داعش" يمنع الأطباء من ملامسة النساء
وحسب آخر تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" بتاريخ 5 أبريل / نيسان الجاري، أفادت إحدى عشرة امرأة وفتاة قابلتهم المنظمة بأن "تقييد حصولهن على الرعاية الصحية والتعليم بسبب سياسات داعش التمييزية"، ويمنع التنظيم المتطرف "الأطباء الذكور من ملامسة أو رؤية المريضات أو الانفراد بهن". ويضيف التقرير أن إمرأة قالت إن الصيدلي كان يتعرض للضرب إذا علم مقاتلو داعش أنه لمس ذراعها لقياس ضغطها. وقالت امرأتان إنهما عندما حملتا، ذهبتا للقابلة بدلا من الطبيب بسبب القيود. هناك امرأة قالت إنها عانت من مضاعفات جراء الرعاية المتواضعة ما بعد الولادة.
ساهمت الحرب التي يشهدها العراق ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" وزحف هذا الأخير على عدد من المناطق في انتشار عدد من الأمراض الفتاكة والمعدية، خصوصا بعد سيطرة النتظيم على جبل سنجار في آب/ أغسطس 2014. "وجدنا كل أنواع الأمراض: مثل أمراض القلب والسكري والأمراض النفسية والمراض الجلدية والعيون وغيرها من الأمراض الأخرى" يقول درويش.
وفي الـ 13 من نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، أعلن رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني "تحرير" سنجار من سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بعد عمليات عسكرية لقوات البشمركة، غير أن التنظيم الإسلامي المتطرف لا يزال إلى الآن يترصد بالجبل ويحاول أن يعزله عن العالم الخارجي. يشرح الدكتور دوريش الوضع قائلاً "مليشيات داعش لا تبعد سوى عشرين كلم عن الجبل، لكن عزيمتنا أقوى وكسرنا جدار الخوف، وهو ما نتمنى أن يقوم به أطباء آخرون". لا تقتصر المهمة الإنسانية لجمعية الأطباء الأكراد بألمانيا على توزيع الأدوية وعلاج المرضى فقط، بل تشمل توزيع الملابس والمواد الغذائية على سكان جبل سنجار والمخيمات القريبة منه.
تحدي الخوف من أجل إغاثة المرضى
قبل كل رحلة تطلق جمعية الأطباء الأكراد في ألمانيا حملات لجمع التبرعات بغية تمويل الرحلة الطبية. بعدها تتواصل الجمعية مع ممثلي السكان في المكان الذي تريد الذهاب إليه لمعرفة حاجياتهم، وبعدها تبدأ المغامرة. "نسافر في البداية إلى أربيل وبعدها نواصل الرحلة بالسيارات إلى جبل سنجار. كل السيناريوهات تكون حاضرة في أذهاننا، لكن نداءات الاستغاثة التي تصلنا تقوي عزيمتنا".
ورغم الامكانات المحدودة لجمعية الأطباء الأكراد في علاج جميع السكان، إلا أن الدكتور درويش يرى أن المرض الفتاك هو "مرض التطرف الديني متمثلا في تنظيم داعش، الذي يبيح القتل باسم الدين وتهجير الأقليات، وهو مرض يجب أن تتضافر جهود كل العراقيين للقضاء عليه".