أخصائي نفسي: "نحن عاجزون عن الإجابة على أسئلة أطفال غزة"
٢٤ يوليو ٢٠١٤DW: يعيش الناس في قطاع غزة منذ عام 2006 على وقع الحروب سواء عبر الغارات الجوية أو الهجوم البري، فماهي تداعيات ذلك على نفسيتهم؟
د. ياسر أبو جامع:منذ أكثر من سبع سنوات ونحن نعيش تحت الحصار، الذي بسببه لا يمكن للناس السفر إلى أي مكان. وهذا الوضع له تداعيات كبيرة على حياتهم الاجتماعية والاقتصادية، ما ساهم في ظهور اضطرابات نفسية لدى الناس (في قطاع غزة) أكثر من أي منطقة أخرى. لو كانت الظروف المعيشية أحسن من ذلك بعض الشيء لكان التعامل مع الحرب الحالية أفضل. لازلنا نسمع دوي القنابل وفي الوقت نفسه تنظر إلى عيون أطفالك وهم يطرحون أسئلة لا تستطيع الإجابة عنها، فأنت عاجز عن أن تشرح لهم ما الذي يدور من حولهم، وكيف يمكن أن تشرح لطفل في الرابعة أو الخامسة من عمره وهو يسمع صراخا وعويلا في الشارع.
ليس الأطفال وحدهم من يعاني من التبعات النفسية...
عايش أكثر من 97 بالمائة من الناس بشكل أو بآخر مثل هذه الهجمات. وهذا ما أظهرته دراسة أجريت عقب عملية "الرصاص المسكوب" (الحرب في غزة في شتاء 2008-2009) وعملية "أعمدة الدفاع" (2012). ومعروف أن عدد الأشخاص الذين يتعرضون للصدمات النفسية من جراء الحروب، مقترن بمساحة المنطقة التي تتعرض للقصف. ومساحة قطاع غزة لا تتجاوز 160 إلى 170 كليومتر مربع.
كيف تكون ردة فعل الأطفال إزاء الإجهاد العصبي الذي تتسبب فيه العمليات العسكرية وسط انعدام أماكن الاختباء؟
الأعراض التي تظهر على الأطفال تكون بالدرجة الأولى جسدية، الكثير منهم يشكو من وجع في البطن أو في الرجلين أو من أوجاع أخرى. كما أن الكثيرين يظهرون سلوكا تشبثيا عبر البقاء بالقرب من والديهم. وعندما يغادر الوالدان البيت لشراء المواد الغذائية وغيرها من الأمور، يصابون بالذعر الشديد. أوجاع في الجسد أو سلوك غير اعتيادي، من الإشارات التي تكشف عن وجود مشاكل نفسية لدى الأطفال. ويفرط بعض الأطفال في الحركة أو يظهرون عصبية مفرطة، ولايستطيعون التعبير عن مشاكلهم ومخاوفهم مثل الآخرين.
هل تركت المعارك السابقة بين إسرائيل وحركة حماس تداعيات على المدى الطويل؟
في دراسة أجريت في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2013 حول التداعيات الطويلة المدى لعملية "الرصاص المسكوب" تبين لنا أن 30 بالمائة من الأطفال والعائلات التي تعاني من صدمة نفسية كبيرة، يعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة.
كيف يمكن مساعدة هؤلاء المرضى نفسيا؟
نحن نعيش في قطاع غزة ذات الكثافة السكانية العالية، هنا يعيش مليون و800 ألف شخص، أكثر من نصفهم أطفال. وبالتالي من الصعب جدا أن نكون نشطين. عادة ما نبدأ مع فرق تقدم المساعدة للناس المتضررين بشكل مباشر. كما أننا نعمل مع المستشفيات والمدارس، ونحاول تقديم العلاج النفسي الأولي، إضافة إلى تقديم الاستشارات الطبية عبر خط تليفوني مجاني.
لدينا فرق تضم أفرادا من مختلف الاختصاصات: من ممرضات نفسيات وأخصائيين نفسيين ومرشدين اجتماعيين وأخصائيين في النقاهة وكلهم يحاولون تقديم المساعدة. ولا يزال التمويل هزيل والطاقم اصغير جدا، فلا يمكننا يوما أن نصبح قادرين على مساعدة كل شخص بحاجة إلى علاج نفسي.
أجرى الحوار أندرياس غورتسيفسكي
الدكتور ياسر أبو جامع هو أخصائي نفسي ومدير برنامج غزة للصحة النفسية، وهو برنامج متخصص في معالجة الأطفال والنساء وضحايا التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان.